ما بعد الحقيقة

حقيقة سمعتها من طفلة لم تبلغ التاسعة من عمرها حين كنت أساعد والدتها التي اضطرت للسفر خارج البلاد وترك أولادها لفترة من الزمن. وذات يوم اجتمعت مع فتاة في أول العشرينات من عمرها التي كانت تساعدني بأداء تلك المهمة وبدأنا التعارف والاسئلة لبعضنا البعض بينما الأطفال حولنا يلعبون ويضحكون.
سألتني تلك الفتاة هل عندك أولاد؟ وقبل أن اجيب أتاها الجواب من مكان آخر وبسرعة الضوء “هي أكبر من أن يكون لها أولاد ” قالتها باللغة الانجليزية حيث كنت اسكن في الولايات المتحدة حينها
“She is too old to have kids”
تألمت جدا وتلبكت لدرجة اني لم أعرف كيف أتصرف وسألت نفسي لما كل هذه الصدمة؟؟ وجدت بعد البحث والتفكير بأن ما صدمني شيئان: الأول هو أنني تواجهت مع الحقيقة من آخر شخص اتوقعه وبطريقة فظة للغاية وأيضا لم يكن المكان ولا الظرف الذي يسمح لذلك الجواب.
الحقيقة مرّة في معظم الأحيان ونريد أن نهرب منها ونخبئها ونتظاهر بأننا أقوياء والأمر لا يعنينا. الدعوة في هذا المنشور هي للتصالح مع الذات وقبولها بكل قوتها وضعفها. الدعوة هي أن نواجه أنفسنا ولو بخطوات صغيرة وبطيئة كي نرفع تلك الطبقات التي أحطنا نفسنا بها حماية لمشاعرنا. الدعوة هي التفكير وفحص الذات.
أن أسأل ذاتي ماذا يعني لو كنت لم أنجب، أو لم أتزوج، أو لم أتعلم، أو لم أسافر، أو لم أحقق ما أريد؟ هل العائق هو نفسي أنا؟ أم نظرة الناس لي والحدود التي وضعوها لحياتي؟ هذه النظرة وهذه الحدود قد تصبح سجنا مؤبدا مفتاحه بيدنا ولا نريد أن نخرج منه لأننا اعتدنا الامر.
Too old, too young, too small, too early, too late, too……. etc.
معظمنا كنساء لدينا القدرة للتكيف والتعايش مع ظروف حياتنا، ولكن أحيانا نتعايش أيضا مع التحدي أو المشكلة ونقبل الحد الذي قد نضعه لأنفسنا وما يضعه المجتمع علينا من قيود.
كل عام وكل النساء بألف خير