تميزك واختلافك قد يُفسر على انه تمرد
المعتقدات المختلفة للأصدقاء الثلاثة
أصدقاء دانيال الثلاثة بتجربة صعبة جداً أثناء تواجدهم وعملهم في مملكة بابل. فهم – كيهود -لهم معتقداتهم الخاصة بهم والتي كانت تميزهم عن باقي شعوب الأرض. لذلك عندما أدرك خدام الملك أن هولاء الأشخاص مختلفون عن غيرهم في السلوك والإيمان والقوة ولهم شخصياتهم ولا يطيعون الأوامر الصادرة من الملك حيث إنها لا تتناسب مع إيمانهم وقيمهم. لذا ابتدأ خدام الملك بمضايقتهم بمسألة ماذا يأكلون أو يشربون. دانيال 3
موضوع الطعام والشراب عند هؤلاء الثلاثة لم يكن قصه أسلوب معيشة أو نمط معين من الأسلوب الذي تبنوه مجدداً لحياتهم. فرفضهم لتناول ما كان يقدم إليهم في قصر الملك من طعام هو مسألة متعلقة بأمور لم يفهمها مَن حولهم ولم تترجم الاّ بأنها تمرد وعصيان على أوامر الملك. لم يتبع أصدقاء دانيال أسلوب مختلف في المعيشه لمجرد رغبة منهم في الاختلاف عن غيرهم، أو كما نتفق على ما يسمى اليوم بمبدأ (خالف تُعرَف) ولكن كان بالحقيقة قصّة عقيدة وفكر أورثوه للأجيال كثيرة. لذا كانوا أشخاصاً ملتزمين ومحافظين لهم قيَم ومبادىء واضحة لا تتغير بتغير المكان والزمان.
التحديات التي نواجها بسب اختلاف معتقداتنا
أصدقاء دانيال الثلاثة من حيث المكان كانوا مغتربين تحت سلطان أُمّة وملك جديدين ومن ناحية مكانتهم الاجتماعية كانوا أحراراً، ولكن الآن أصبحوا عبيداً لملك بابل. إلا أنهم رغم كل هذه المتغيرات ظل إيمانهم ثابتاً وغير قابل للتغيير بحسب ما كان سائداً حولهم من معتقدات. أصدقاء دانيال لم يتنازلوا عن ما كانوا يؤمنون به ولم يحاولوا تبرير خضوعهم لِأوامر الملك بحجج حتى لو كانت قوية، مع أنها في الحقيقة قوية.
لذا عندما تجدك الناس مختلف عنهم و لا تريد أن تتبنى قيمهم وأفكارهم وأن لديك رأيك المستقل، تأكد أن هؤلاء الناس من الداخل يحسدونك ويتمنون أن يكونوا في مكانتك ولكن بما أنهم تحت ظروف أخرى مختلفة عن ظروفك، فهم لن يستطيعوا تغيير رأيهم ومخالفة من حولهم حتى تصبح لديهم شخصية مستقلة لذلك فهم لن يشجعوك على تميزك واختلافك عنهم في أغلب الأحيان، ولكنهم سوف يحاربونك ويحاولون إحباطك بكل الظروف، وهنا أتت الفرصة الثمينة لدى المعارضين الذين كانوا يعملون في حاشية الملك بأن يقدموا بلاغاً للمك مفاده أن هؤلاء الثلاثة – أي أصدقاء دانيال- يا ملك لا يخضعون لأوامرك وسلطانك. هنا نجد تلاعب خُدام الملك لإيجاد ثغرة في حياة وسلوك هولاء الثلاثة، حتى ينالوا منهم ويُخضعونهم تحت السلطات التي كانوا هم أنفسهم تحت قبضتها.
أهمية الثبات في الايمان والامتيازات التي ترافقه
هنالك دائماً ثغرات للذين يبحثون عنها، للحاسد والمغتاظ، هناك دائماً فجوات يمكنه أن يجدها من ناحية المتهم وفي هذه الحالة المختلفة. أما من ناحية الشخص المُشجّع والمُبارِك لمن حوله، فهو يحب أن يبارك ويشجع الآخرين على اختلافهم وتميزهم عنه ولايجد في ذلك الأمر تهديداً لعمله أو نجاحه الشخصي، لذا تجده يبادر بالدعم وتقديم المساعدة لإنجاح مهمتك. التزامك بالمبادئ والقيم والآراء التي تؤمن بها وعدم تنازلك عنها، قد لا يكون بالأمر الجيد عند بعض الناس فهم سيترجمون التزامك بأنه تمرد. فأنت بنظرهم متمرّد وليس طائعاً، تأكّد تماماً بأنّك كلما تمسكت بإيمانك وقيمك ورأيك المستقل سوف يتمسك مقاوموك بمحاربتك.
قرار ومبدأ الثلاثة لم يكن ثابتاً فقط أمام الملك الذي أصدر أمراً بأن يُلقى هؤلاء في أتون النار، بل كان أيضا ثابتاً ومستمراً أمام قرار وسلطان الله نفسه، فهم قالوا: إذا أراد الله يقدر أن يخلصنا، وإن لم يرد أو يرغب فله الحرية التامّة. فالله عندهم هو مالك حياتهم وهو يفعل مايشاء وما يحسن في عينيه. لذا قرر هولاء عدم الخضوع لأوامر الملك مهما كلّفهم الأمر. لذلك أمر ملك بابل أن يُحمّىَ الآتون سبعة أضعاف، ومع ذلك لم يتراجعوا الأصدقاء الثلاثة عندما سمعوا بهذا القرار. وعلى قدر التزام وتمسك الثلاثة باتباع الله بعدم خضوعهم لأوامر الملك على قدر ما أتاهم الله بالبركة والتعزية والخلاص.
فنجد أنّ ابن الآلهة بنفسه يأتي ليقويهم ويشدّد إيمانهم ويعزيهم. كان ابن الآلهة معهم بوسط الآتون، لذلك عندما نبذل قصارى جهدنا في إطاعة وصية الله، سوف يلاقينا هو بنفسه ويهتم بأمور حياتنا الجسديّة والنفسيّة، فالله يحبنا محبة أبدية وهو لا يتخلى عنّا حتى عندما يتخلى عنّا الجميع.
فتماسك وثبات أصدقاء دانيال أعطى كامل المجد لله. وملك بابل رأى بعينيه تدخل الله المباشر لإنقاذهم من الموت البشع الذي دبره لهم. لذا اعترف الملك بقوة الله وأمر أن يُعطى هولاء الثلاثة مكانة مرموقة في قصره وأن يعاقب كل من يسئ أو يحاول مضايقتهم.
1: هل تمسكك بقيم ومعتقدات معينة سببت لك تحديات وصعوبات مع المحيطين بك؟
2: هل انت مستعد لطاعة الله ووصاياه مهما كلف الامر؟