التمتع برؤية الطيور%d8%a8%d8%b1%d9%86%d8%a7%d9%85%d8%ac-%d9%85%d8%b9%d8%a7%d9%83%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%82%d8%b1-%d9%84%d8%a7-%d9%8a%d8%b7%d9%8a%d8%b1

يُطعم زوجي في كل صباح تقريباً، العصافير التي تأتي لتأخذ قوتها اليومي بفضل نعمة الرب وكرمه وعطفه. هذه المرة شاهدت ألواناً وأشكالاً مختلفة وجميلة من الطيورالتي لم أشاهدها او لربما لم الاحظها من قبل. تُقبل هذه الطيور نحو الساحة المطلة لبيتنا لتأكل طعامها. نستمتع باصوات وتغاريد تلك العصافير حولنا وجمال مناظرها وكيف تتفاعل مع بعضها وأحياناً كثيرة تتدافع وتعادي الطيور الاخرى لكي تأخذ أكثر كمية من الطعام.
صوت العصافير كان لافتاً في احدى تلك الصباحات وبعد ساعات قليلة من ذلك الصباح، وجدت عصفورا قد تم اصطياده من قبل زوجي، موضوعاً في القفص الذي صممه بنفسه لاداء تلك المهمة، اقصد مهمة الاصطياد. فزوجي يستمتع بتلك الهواية، التي توارثها عن والده الغالي، الذي فارقنا الى الحياة الاخرى تاركا لنا أجمل الذكريات.

ما المنفعة من صيد الطيور

كان منظر ذلك العصفور مثيراً للشفقة، كان خائفاً جداً يذهب يميناَ وشمالاً بشكل هستيري. منذ الدقيقة الاولى لرؤيتي لذلك العصفور مأسوراً في القفص الذي أعده جورج لهذه المهمة، وانا لم أتوقف عن الوعظ لجورج محاولة مني لأقناعه بفك اسر ذلك الطير المسكين. جورج؛ السماء هي موطن هذا العصفور لماذا تحد سكنه بهذا القفص؟ العصفور مرعوب ويكسر قلبي. ما الذي تجنيه من عملك هذا؟ هل هذا ما يُمتعك حقاً؟، ما المنفعة من حبس ذلك الطير المسكين؟، سوف يموت العصفور خوفاً ولكني لن اقبل ابدا بذلك لأني سوف أطلق اسره عندما تذهب لعملك. * “وكان اجابة جورج. أنا لا أعذبه بالعكس أنا أهتم به، الجو قارس البرودة في الخارج وهو (ماكل شارب ونايم ببلاش).”
طبعاً انا لم أتوقف عن الالحاح عليه حتى أطلقه، قلت له إذا لم تشفق على هذا العصفور حسناً أشفق عليٌ أنا، فأنا لا أحتمل رؤيته وحيداً وحزينا بهذا الشكل. من المؤكد ان جورج اشترى راحة باله واستغنى عن هوايته؛ فقط لكي اتوقف عن اشعاره بالذنب بسبب الخطيئة العظيمة التي ارتكبها.

السماء هي موطن الطيور

أخيرا أطلق جورج المسكين ذلك الطير المسكين، لسبب واحد فقط، الا وهو التخلص من وجع الراس الذي سببته له بوجود ذلك الطير. وبينما كنت احضر طعام الغداء، اتى جورج للمطبخ ليكلمني عن موضوع الطير وقال لي هل أنت جادة؟ لما كل ذلك الالحاح، ألم يسلطنا الله على كل الحيوانات انظري ما لذي تحضريه لنأكل؟ طبخت لحم البقر بنفسك، قلت له “ولكن البقر لا يطير”! وهنا نظرت إليه وبدأنا نضحك. أدركت بعد ذلك الحديث أننا عندما نكون متألمين عاطفياً قد يصعب علينا أن نكون منطقيين أو حتى عقلانيين.
الحقيقة ما كان يؤلمني ويزعجني، لم يكن بالأساس موضوع صيد العصفور، مع أنى لا أحبذ فكرة وضع الطيور في اقفاص. لكن الذي كان يؤلمني وجعلني ابالغ في توجيه التأنيب لجورج، هو موضوع أكبر بكثير من موضوع العصفور، فهذه ليست هي المرة الأولى التي يصطاد فيها جورج عصافير ويضعها في القفص. مع أنني لست مع الفكرة الا أنني لم أكن ضدها ابدا إلى هذا الحد. موضوع العصفور استفز وهيج مشاعر مؤلمة في داخلي، مشاعر من الالم والياس على ما كان يجري على شعبي واهلي في بلدي العراق وكذلك سوريا من دمار وتقييل وتهجير على يد بعض من الاشرار. شعوري باني مقيدة وفي قفص مثل ذلك العصفور تماما. أنظر وأسمع وأتألم ولكني لا أستطيع ان افعل اي شيئ غير الصلاة. وأحياناً كثيرة اصاب بحالة من الاكتئاب بسبب تفكيري بما يعاني منه هؤلاء الأبرياء.

عندما تموت ضمائر البعض

مثل لي ذلك الطير الحالة الانسانية الصعبة، القهر والظلم الذي يعاني منه البشر على يد الأشرار. لا أخفي بأنني شعرت بارتياح كبير عندما أطلق جورج ذلك العصفور وهنا أتساءل كيف غاب ضمير وقلب عناصر بعض البشر لهذه الدرجة. حتى أنهم فعلوا ما فعلوا من جرائم ضد كل هؤلاء المساكين من اغتصاب وقتل للصغير قبل الكبير. والمشهد الاكثر وحشية هو أنهم يضعون بعضهم في أقفاص حديدية ويقومون بحرقهم حتى الموت. نعم اثار ذلك الطير المسكين عدة تساؤلات في نفسي عن ماتوصل اليه الشر في ايامنا هذه. إذا لم نحتمل رؤية عصفور في قفص، فكيف نصل لمرحلة من الا انسانية والوحشية من زج الناس في اقفاص حديدية وهم مقيدين ينظرون الى نهايتهم البشعة وعلى ايدي اشخاص يدعون انهم يطبقون العدالة السماوية؟

%d8%a8%d8%b1%d9%86%d8%a7%d9%85%d8%ac-%d9%85%d8%b9%d8%a7%d9%83%d9%85-%d8%a7%d9%84%d8%a8%d9%82%d8%b1-%d9%84%d8%a7-%d9%8a%d8%b7%d9%8a%d8%b1